مديح والدة الإله الّذي لا يُجلَسُ فيه

 تركيبُ خِدمة المديح:
خِدمةُ مديح السيّدة مِن الخِدَمِ المُمَيَّزَةِ مِن ناحِيَةِ الأُسلوبِ الأَدَبيِّ الجميل، وغَزَارَةِ الصُّوَرِ الشِّعرِيّة، بالإضافةِ إلى عُمقِ المعاني اللاهُوتِيّة.
كانت هذه الخدمةُ في الأساسِ مرتبطةً بعيد البشارة. وتطوّرَتْ مع الوقت، فصارَتْ تُقامُ أيّامَ الجمعة في فترة الصّومِ الكبير.
تتألَّفُ هذه الخِدمةُ مِن صلاةِ النَّومِ الصُّغرى، يتخلَّلُها قانون (أفتحُ فمي وما يَليها...) وقنداق (قصيدةٌ طويلة، وهي عبارة عنِ الأبياتِ الّتي يقولُها الكاهنُ في وسطِ الكنيسة أمامَ أيقونةِ العذراء).

1- القانون: نَمَطٌ شِعريٌّ يونانيّ، ازدهرَ ما بين القرنين الثّامن والحادي عشر للميلاد. يتألّف من تسعة أجزاء، تسمّى "أوديات". تتألّف كلّ أودية مِن عدّة مقاطع، الأوّل منها (الإرموس) أصلِيُّ الوَزن، وتُرَتَّلُ سائرُ المقاطع على أساسِه.
يُؤَدّى قانونُ المديح باللحنِ الرّابع على النَّمطِ الرّشيق (الإرمولوجيّ).
إذا أخَذنا الحرفَ الأوّلَ مِن كُلِّ مَقطع (مِن دُونِ الأراميس)، مِن أوَّلِ القانونِ إلى آخِرِه في الأصلِ اليونانيّ، تتشكّلُ معنا جُملةٌ هذه ترجمتُها: "أَيا مُستَودَعَ الفَرَح، بكِ وَحدَكِ تَلِيقُ التَّحِيَّةُ بالسَّلام. يوسف". ويوسفُ هذا هو يوسف المُنشِئ الّذي عاش في القرن التّاسع للميلاد، والّذي نظمَ معظم القوانينِ الموجودِ في كُتُبِنا الطّقسيّة. أمّا المقاطع الأساسيّة (الأراميس) فهي مِن نَظمِ القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ الّذي عاشَ في القرنِ الثّامن.

2- القنداق: نَمَطٌ شِعريٌّ يونانيٌّ، أقدَمُ عهدًا مِن نمطِ القانون، ازدهرَ في القرنَينِ السّادس والسّابع. ميزتُهُ السّردُ القَصَصِيّ وَذِكْرُ الحوادثِ الهامّةِ المرتبطةِ بالمُناسبةِ المُعَيَّدِ لَها.
يتألّفُ القنداقُ عامّةً مِن مقدّمةٍ قصيرةٍ تُوجزُ مضمونَه، تليها مقاطعُ تسمّى "الأبيات"، يتراوحُ عددُها بين 20 و30 بيتًا، ينتهي كُلٌّ منها بلازمةٍ، هي العبارةُ الأخيرةُ من المقدّمة. وقد كانت القناديقُ تُتلى في صلاةِ السَّحَر، ولم يبقَ مِنها غيرُ المقدّمة الّتي صارَ يُطلَقُ عليها اسم "قنداق"، وأحد الأبيات ويُطلَقُ عليه اسم "بيت".
في مديح والدةِ الإله، الّذي نحنُ بِصَدَدِه، المقدّمة هي "إنَّ غيرَ المتجسّد"، ونُنشِدُها في المديح الأخير، المعروف بالكبير. تنتهي هذه المقدّمةُ باللازمة "إفرحي يا عروسًا لا عروسَ لها". ونجدُ أَربعةً وعِشرينَ بَيتاً، على عَدَدِ حُروفِ الأَلِفباءِ اليُونانيّة. تنتهي أبياتُه المفرَدةُ بلازمة: "إفرحي يا عَرُوساً لا عَرُوسَ لَها"، وهي أبياتٌ طويلة، وتنتهي الأبياتُ المُزدَوِجةُ بِلازمةٍ أُخرى هي "هَلِلُويا"، وهي أبياتٌ قصيرة.
تُوَزَّعُ الأبياتُ الأربعةُ والعشرون على أربعةِ أدوار، يتضمّنُ كُلٌّ منها ستّةَ أبيات (3 إفرحي و3 هللويا)، بحيثُ نتلو في كُلِّ مديحٍ من الأسابيع الأربعة الأُولى للصّوم الكبير دَورًا. وفي المديح الخامس، المعروف بالكبير، تُتلى كُلُّها.
    تَجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ عَدَدَ الجُمَلِ ضِمنَ الأبياتِ مُرَتَّبٌ على أساسِ رقم 12: البيتُ المُفرَدُ يتألّف مِن فاتحةٍ قصيرة مِن 6 جُمَل، تَليها 12 جملة تبدأ كُلٌّ منها بكلمة "افرحي"؛ والبيتُ المُزدَوج هو مقطعٌ قصيرٌ مِن سِتِّ جُمَل، إذا جُمِعَ عَدَدَهُ معَ عدَدِ جُمَلِ الفاتحة نحصل على 12.
    لماذا التّركِيزُ على العَدَدِ 12 في بُنيَةِ قنداق المديح؟ لأنَّه يَرمُزُ إلى والدةِ الإله، كَما أُشِيرَ إِلَيها في سِفرِ رُؤيا يُوحنّا: "وَظَهَرتْ آيَةٌ عَظيمةٌ في السَّماء، امرأَةٌ مُتَسَربِلَةٌ بِالشَّمسِ، والقَمَرُ تحتَ رِجلَيها، وعلى رأسِها إكليلٌ مِنِ اثنَي عَشَرَ كَوكَباً" (رؤ 1:12).
    لا يُعرَفُ بالضّبطِ ناظِمُ قنداق مديح والدةِ الإله. نُسِبَ إلى أكثرَ مِن مؤلِّف. إلاّ أنّ المرجَّحَ هو القدّيس رومانوس المرنّم الّذي عاشَ في القرن السّادس للميلاد، وقد كان رائدًا في كتابةِ هذا النّوعِ مِنَ الشِّعر.









 مضمون القانون:
قُلْنا إنَّ يوسفَ المُنشِئ هُوَ الّذي نَظَمَ مقاطعَ قانونِ المديح، على أساسِ الأراميسِ الّتي كان قد نظَمَها القدّيسُ يوحنّا الدّمشقيّ. وقد استَلهَمَ يوسفُ معانِيَ هذا القانون مِن نُبُوءاتِ العهدِ القديم. وفي ما يلي عَرضٌ لِبَعضِ تلكَ النُّبُوءاتِ المُشارِ إلَيها:
-    "مِصحَفٌ لِلمَسِيحِ مُتَنَفِّسٌ مَختُومٌ بالرُّوح": "وَصَارَتْ لَكُمْ هَذِهِ الرُّؤْيَا جَمِيعُهَا كَكَلِمَاتِ كِتَابٍ مَخْتُومٍ، حِينَ يُنَاوِلُونَهُ لِمَنْ يُتْقِنُ الْقِرَاءَةَ قَائِلِينَ: اقْرَأْ هَذَا، يُجِيبُ: لاَ أَسْتَطِيعُ لأَنَّهُ مَخْتُومٌ." (إش 11:29)
-    "يا عَرشاً نارِيًّا لِلضّابطِ الكُلّ": "وَفِيمَا كُنْتُ أَنْظُرُ، نُصِبَتْ عُرُوشٌ وَاعْتَلَى الأَزَلِيُّ كُرْسِيَّهُ وَكَانَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالثَّلْجِ، وَشَعْرُ رَأْسِهِ كَالصُّوفِ النَّقِيِّ، وَعَرْشُهُ لَهِيباً مُتَوَهِّجاً وَعَجَلاَتُهُ نَاراً مُتَّقِدَةً." (دا 9:7)
-    "يا سَوسَناً لَذِيذَ التَّنَسُّمِ مُعَطِّراً المُؤمنين": "كَسَوسَنَةٍ بَيْنَ أَشْوَاكٍ، هَكَذَا حَبِيبَتِي بَيْنَ الْبَنَاتِ." (نش 2:2)
-    "كحقلَةٍ غيرِ مفلوحةٍ": "... قالَ الرَّبُّ القديرُ ستُفلَحُ صهيونُ كحقلٍ، وتصيرُ أورشليمُ أطلالاً وجبلُ بيتِ الربِّ تِلالاً وَعِرة" (إر 18:26) و "ستُفلَحُ صهيونُ بسببِ أعمالِكُم كحقلٍ فتصيرُ أورشليمُ خرائبَ وجبلُ بيتِ الرّبِّ وَعْرًا"(مي 12:3)
-    "المائدةُ المتنفِّسة الّتي وَسِعَتْ خُبزَ الحياة": "وصنعَ سُلَيمانُ جميعَ أدواتِ هيكلِ الرّبِّ مِن الذّهب: المذبحَ، والمائدةَ الّتي عليها خُبزُ القُربان" (1مل 48:7)
-    "حَمَلَتْ حَمَلَ الله الرّافع خطايا العالَم": "رأى يوحنّا يسوعَ مُقبِلاً إليه فقال: هُوَذا حملُ الله الرّافعُ خطيئةَ العالَم"(يو 29:1)
-    أيّتها البابُ وَحدَكِ الّذي فيه اجتازَ كَلِمَةُ اللهِ وحدَهُ": "ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى بَابِ الْهَيْكَلِ الْخَارِجِيِّ الْمُوَاجِهِ لِلشَّرْقِ وَكَانَ آنَئِدٍ مُغْلَقاً، وَقَالَ لِي: سَيَظَلُّ هَذَا الْبَابُ مُوْصَداً لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدِ اجْتَازَ مِنْهُ. لِذَلِكَ يَظَلُّ مُوْصَداً" (حز 1:44-2)
-    "أيّتُها المَنارةُ والجَرَّةُ الحامِلَةُ المَنّ": "والمائدةَ وأدواتِها، والمنارةَ الطّاهرةَ وجميعَ أدواتِها، ومذبحَ البَخُور"(خر 8:31). "وقالَ موسى لِهرون: خُذْ جَرَّةً واجعَلْ فيها مِلْءَ الغَمْرِ مَنًّا وَضَعْهُ أمامَ الرَّبِّ محفُوظًا مدى أجيالِكُم. فوَضَعَهُ هرونُ أمامَ تابُوتِ العهدِ محفوظًا كما أمرَ الرَّبُّ موسى" (خر 33:16-34)
-    "أيّتها السُّلَّمُ المُصعِدَةُ الكُلَّ بالنعمةِ مِنَ الأرضِ إلى السَّماء": "أَمَّا يَعْقُوبُ فَتَوَجَّهَ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ نَحْوَ حَارَانَ، فَصَادَفَ مَوْضِعاً قَضَى فِيهِ لَيْلَتَهُ لأَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ قَدْ غَابَتْ، فَأَخَذَ بَعْضَ حِجَارَةِ الْمَوْضِعِ وَتَوَسَّدَهَا وَبَاتَ هُنَاكَ. وَرَأَى حُلْماً شَاهَدَ فِيهِ سُلَّماً قَائِمَةً عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَمَلاَئِكَةُ اللهِ تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ عَلَيْهَا" (تك 10:28-12)
-    "يا عُمقًا لا يُدرَك": قالَ صَوفَر النَّعماتيُّ لأيُّوب: "أَتُدرِكُ عُمقَ أعماقِ الله؟ أم يُحيطُ فَهمُكَ بِكَمالِ القدير؟!(أي 7:11)
-    "يا عُلُوًّا لا يُوصَف": قالَ أَلِيفازُ التِّيمانيُّ لأيّوب: "الله في أعلى السّماواتِ وَيُشرِفُ على ذُرى النُّجُوم" (أي 12:22)
-    "يا مَن ضَفَرَتْ لِلعالَمِ الإكليلَ الّذي لَم تَضْفِرْهُ يَدٌ": "وَظَهَرَتْ آيةٌ عجيبةٌ في السَّماء: امرأةٌ تلبَسُ الشَّمسَ، والقَمَرُ تحتَ قَدَمَيها، وعلى رأسِها إكليلٌ مِنِ اثنَي عشَرَ كوكبًا"  (رؤ 1:12)
-    "خلَّصَتِ العالَمَ مِن طُوفانِ الخطيئة": "وَدَخَلَ نُوحٌ السَّفينةَ معَ بَنِيهِ وامرأتِهِ وَنِساءِ بَنِيه، لِلنَّجاةِ مِن مِياهِ الطُّوفان" (تك 7:7)
-    "المركبةُ ذاتُ الصُّورَةِ النّارِيّةِ لِلكَلِمة": فيما كان إيليّا وأليشَعُ سائِرَينِ وهُما يتحدَّثان " إذا مركبةٌ ناريّةٌ وخَيلٌ ناريّةٌ فَصَلَتْ بينَهُما، وارتفعَ إيليّا في العاصفةِ نحوَ السَّماء" (2مل 11:2)
-    "يا فِردَوسًا مُتَنَفِّسًا حاوِيًا في وَسَطِهِ الرَّبَّ عُودَ الحياة": "... وكانت شجرةُ الحياةِ وشجرةُ معرفةِ الخيرِ والشرّ في وسطِ الجنّة"(تك 9:2)
-    "أيّتها الجَبَلُ غيرُ المُنقَطِع": "لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّ الْحَجَرَ الْمُنْقَضَّ الَّذِي لَمْ يُقْطَعْ مِنَ الْجَبَلِ بِيَدَيْنِ، قَدْ سَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ" (دا 45:2)
-    "الجَزَّةُ المُنَدّاةُ الّتي سَبَقَ جِدْعَونُ فَعاينَها قديمًا": "وقالَ جِدعَونُ لله: إنْ كُنتَ مُخَلِّصَ بَنـي إسرائيل على يَدِي كما قُلْتَ، فها أنا واضِعٌ جَزَّةَ صُوفٍ على البَيدَر، فإذا سقطَ النّدى على الجَزَّةِ وحدَها وكانَ على الأرضِ حَولَها جَفافٌ، عَلِمتُ أنَّكَ مُخَلِّصُ بَنـي إسرائيلَ على يَدِي كما قُلتَ. فكانَ كذلك. وبَكَّرَ في الغَدِ وعَصَرَ الجَزَّةَ فخرجَ منها الماءُ مِلْءَ سَطلٍ. فقال جِدعَونُ لله: لا تَغضَبْ عليَّ. دَعْنـي أتكلّمُ فقط هذه المرّةَ وأُجَرِّبُ هذه المرّةَ أيضًا بِجَزَّةِ الصُّوف: لِيَكُنْ على الجَزَّةِ وحدَها جَفافٌ وعلى الأرضِ حَولَها نَدًى. ففعلَ الرّبُّ كذلكَ في تلكَ الليلة، فكان على الجَزَّةِ وحدَها جَفافٌ وعلى الأرضِ حَولَها نَدًى"(قض 36:6-40)
-    "أيّتها العَوسَجةُ غيرُ المُحترقة"... "إنَّ موسى أدركَ في العُلَّيقةِ سِرَّ مَولِدِكِ العظيم": "فتراءى لِمُوسى مَلاكُ الرَّبِّ في لَهيبِ نارٍ مِن وَسْطِ العُلَّيقة. ورأى موسى العُلَّيقةَ تَتَوَقَّدُ بالنّارِ وَهِيَ لا تَحتَرِقُ"(خر 2:3)
-    "السَّحابةُ الكُلِّيَّةُ الضِّياءِ الّتي تُظَلِّلُ المُؤمنينَ دائمًا": "وبينما بطرسُ يتكلّم، ظَلَّلَتْهُم سحابةٌ مُضيئةٌ، وقالَ صَوتٌ مِنَ السَّحابة: هذا هو ابنـي الحبيبُ الّذي به سُرِرتُ، فَلَهُ اسمَعُوا"(مت 5:17)
-    "يا كَرمةً حقيقيّةً قد أَينَعَتِ العُنقُودَ البالغ": "وفي ذلك اليومِ غَنُّوا هذه الأغنيةَ لِلكَرمةِ المُشتهاة: أنا الربُّ ناطُورُها في كُلِّ لحظة، أَسقيها وأَنطُرُها ليلاً ونهارًا لِئَلاّ يُؤذِيَها أحد. ما عُدتُ غاضبًا على الكرمة. إذا قاتَلَها الشَّوكُ والعُلَّيقُ هَجَمتُ عليهما وأحرَقْتُهُما جميعًا. مَن يَلجأْ إلى حِمايَ يُسالِمْني وَيَعقُدْ صُلْحًا معي"(إش 2:27-5)
-    "أيّتها العصا السّرّيّة المُفرِعَةُ الزَّهرةَ الّتي لا تَذْبُل": "وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي دَخَلَ مُوسَى إِلَى خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ فَوَجَدَ أَنَّ عَصَا هَرُونَ الَّتِي تُمَثِّلُ سِبْطَ لاَوِي قَدْ أَفْرَخَتْ، فَأَخْرَجَتْ بَراعِمَ وَأَزْهَرَتْ وَأَثْمَرَتْ لَوْزاً نَاضِجاً." (عد 8:17)
-    "أيّتها الدَّرْجُ الّذي فِيهِ رُقِمَتِ الكَلِمَةُ بِإصبَعِ الآب": " ثُمَّ قَالَ لِي: «يَاابْنَ آدَمَ، كُلْ مَا تَجِدُهُ. كُلْ هَذَا الدَّرْجَ وامْضِ وَخَاطِبْ شَعْبَ إِسْرَائِيلَ». فَفَتَحْتُ فَمِي فَأَطْعَمَنِي هَذَا الدَّرْجَ، وَقَالَ لِي: «أَطْعِمْ جَوْفَكَ وَامْلَأْهُ بِهَذَا الدَّرْجِ الَّذِي أُعْطِيكَ إِيَّاهُ». فَالْتَهَمْتُهُ، فَكَانَ فِي فَمِي حُلْوًا كَالعَسَل." (حز 1:3-3)
-    "إنّنا نحنُ الَّذِينَ تَعَرَّينا بِالخَدِيعَةِ قَدِيماً": "فَانْفَتَحَتْ لِلْحَالِ أَعْيُنُهُمَا، وَأَدْرَكَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ، فَخَاطَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ مِنْ أَوْرَاقِ التِّينِ." (تك 7:3)
-    "يا عَمُوداً نارِيّاً مُدْخِلاً البَشَرَ إلى الحياةِ العُلْوِيّة": "وَكَانَ الرَّبُّ يَتَقَدَّمُهُمْ نَهَاراً فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ." (خر 21:13)
-    "يا مَن هِيَ وَحدَها جميلةٌ في النّساء": "يَا أَجْمَلَ النِّسَاءِ" (نش 8:1)









 مضمون القنداق (الأدوار والأبيات):
    مِن حَيثُ المضمون، يُقسَمُ القنداقُ إلى قِسمَين: تاريخيّ ولاهُوتيّ. يشملُ القسمُ التّاريخيُّ الأبياتَ الاثنَي عشر الأُولى (الدَّور الأوّل والدَّور الثّاني)، وفيه سَردٌ لأحداثِ البشارة والميلاد، والدّخول إلى الهيكل. أمّا القسمُ اللاهُوتيُّ فَيَشمُلُ الأبيات الاثنَي عَشَرَ الأخيرة (الدَّور الثّالث والدَّور الرّابع)، وفيه إعلانٌ لعقيدةِ التّجسُّد، وتأمُّلٌ في دَورِ والدةِ الإله.
    وفي ما يَلي عَرضٌ للمعاني الّتي تتضمَّنُها الأبيات، بحسبِ تسلسُلِ أدوارِها:
1-    الدَّورُ الأوّل- البشارة (لو 26:1-54): 1جبرائيلُ رئيسُ الملائكةِ يبشِّرُ العذراء. 2إضطرابُ العذراء، واستغرابُها، وتساؤُلُها. 3جَوابُ الملاكِ لها أنَّ تَجَسُّدَ الكلمةِ في أحشائها سيتمُّ بالرّوحِ القُدُس، وبِقُوَّةِ العَلِيّ الّتي سَتُظَلِّلُها. 5زيارة العذراء لنسيبتِها أليصابات، وارتكاض الجنين (مت18:1-21). 6إرتيابُ يوسف الخطيب، وطَمأنَةُ الملاكِ لَهُ.
2-    الدَّور الثّاني- الميلاد (لو2 ، مت2): 7تسبيح الملائكة والرُّعاة لميلاد المسيح. 8رحلة المجوس. 9سُجُودُهم وهداياهم. 10رُجُوعُهم إلى بلادِهم وإهمالُهم أمرَ هيرودُس. 11الهَرَبُ بِالطِّفلِ يَسُوعَ إلى مِصر وتحطُّمُ أصنامِها. 12دُخُولُ السّيّد إلى الهيكل وتَقَبُّلُ سمعانَ الشَّيخِ لَهُ (لو 22:2-35).
3-    الدَّورُ الثّالث- عَظَمَة التّنازُل الإلهيّ: 13تمجيد بتوليّة مريم العذراء، والإشادة بدَورِها. 14هَدَفُ تَنازُلِ الله هُوَ رَفْعُ الإنسان. 15مريم هي والدةُ الإله- الإنسان. 16إنذهالُ الملائكةِ مِن التّنازُلِ الإلهيّ. 17إبكامُ الفُصَحاءِ في التّعبير عَن معجزة الولادة. 18تأنُّسُ الإله وتألُّه الإنسان.
4-    الدَّورُ الرّابع- مديحُ مريمَ وابنِها: 19مريمُ قاعدةُ البتوليّة، فخرُ العذارى والأُمّهات. 20سُمُوُّ المسيحِ المَلِكِ على كُلِّ تَسبيح. 21مريمُ سِراجُ النُّور، وهي تنير وتُرشِد. 22المُتَجَسِّدُ مزَّقَ صَّكَّ الدُّيُونِ القديمة. 23سُمُوَّ مريم وأهميّتُها. 24إبتهالٌ خِتاميٌّ إلى صاحبةِ المديح لكي تقبلَه مِنّا قُربانًا وتتشفّعَ في نجاتِنا من الدّينونة.