الحياة بحسب الرّوح

تعريف:
        الحياةُ بالرُّوح تكونُ عندما يحيا الإنسانُ لِلرَّبّ؛ والحياةُ بالجسد تكونُ عندما يحيا الإنسانُ لِذاتِه.
واللهُ يدعو الإنسانَ إلى الحياةِ حسبَ الرّوح لا حسب الجسد.
- فإنّ الّذين هم حسب الجسد فَبِما لِلجَسَدِ يَهتَمُّون، ولكنّ الّذين حسب الروح فَبِما لِلرُّوح" (رو 8 : 5).
- "فالّذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يُرضوا الله" (رو 8 : 8).
* الأصحاح الثّامن من رسالة بولس إلى أهل رومية، كلّه يدور حول الحياة بالرّوح.


مفهوم الجسد ومفهوم الرّوح:
        كلمة "الجسد" في كتابات بولس الرّسول تُشير إلى الإنسان كَكُلّ، الإنسانِ الطبيعيّ المأخوذ من التّراب، الضّعيف والسّريع العَطَب، والمُعَدّ لِلمَوت والفَساد. هذا الإنسانُ هو فريسةُ الأهواء وعُرضةٌ للتّجارب، ومتمرِّدٌ على الله. لهذا، حين تحدّث بولس عن يسوع، قال إنه كان في جسدٍ شبيهٍ بِجَسَدِ الخطيئة (رو 3:8)، ولكن دون أن يستسلم للخطيئة (عب 4: 15).
        وكلمة "الروح" تشير إلى الإنسان الّذي يمتلكُ قُدرةً وحياةً وقداسةً تُمَيِّزُ الله.
        الكلامُ إذًا هو عن "جسد الخطيئة" و "روح الله". روح الله يساعدنا على أن نميت أعمال الجسد.
 
نتيجة الحياة بالرّوح والحياة بالجسد:
- "اهتمام الجسد هو موت ولكنّ اهتمام الرّوح هو حياةٌ وَسَلام" (رو 8 : 6).
- "لأنّ اهتمامَ الجسدِ هو عداوةٌ للّه، إذْ ليس هو خاضعًا لِناموسِ الله، لأنّه أيضًا لا يستطيع" (رو 8 : 7).
- "إنْ عِشتُم حسب الجسد فستموتون، ولكنْ إنْ كُنتُم بالرُّوحِ تُمِيتُونَ أعمالَ الجسدِ فَسَتَحيَون" (رو 8 : 13).
عندما ينغمس الإنسان في ملذّات العالم ويصير منه، يصير الجسد نقمةً لا نعمة.
        في أيّامِنا هذه، باتَ الإحساسُ بالخطيئة عرَضِيّاً. خطيئةُ الإنسان أنّه يَسعى إلى تحقيق ذاته من دون الله، وَمِن دُونِ القِيَمِ أو الأخلاقٍ أو الإيمان. وهذا قَتلٌ لِلحُبِّ الإلهيّ، وَكَسْرٌ لِلعهدِ الّذي أقامَهُ الإنسانُ مَعَ رَبِّه.
 
ما الحَلّ؟
الرَّبُّ يَسُوعُ جاءَنا بِالحَلّ: تجسّدَ وأَخذَ طَبيعتَنا لِيَقولَ لنا: "تصالحوا مع أجسادكم... فالروح بحاجة لهذا الجسد ولكن تصالحوا معه. وبدل أن يكون سبب خطيئة، ها أنا المنزَّه عن الخطيئة ألبس جسدَكم الفاني وأتشبّه بكم، فعليكم أن تتشبّهوا بي. فهذا الجسد المائت سيصير، في يومٍ ما، جسداً ممجَّداً. وهذا الجسد سيمجَّد عندما أكون أنا حيّاً فيه لا العالم الذي تتغنَّون به... أنتم مزروعون في العالم ليتمسحَنَ لا لِتَتَوَثَّنُوا أنتم".
        عندما يتغلّبُ الإنسانُ على خطيئته يتمجّد جسدُه وتحيا روحُه.

        وَرَدَ في الرّسالةِ إلى غلاطية: "الّذين هم للمسيح يسوع صَلَبُوا جسدَهم بِكُلِّ ما فيه من أهواءٍ وشَهَوات" (5: 24). هذا الصَّلْبُ يتمّ فينا، لا بقوّتنا الطبيعيّة، بل بقدرة الله بالذات، بقدرة الروح الذي ينقذنا من الخطيئة، ويجعلنا جديرين بأن نعمل الأعمال الصالحة التي تُرضي الله، ويُحيينا في قداسةٍ تتفتّح في الحياة الأبديّة.
        وهكذا، حين اتّحد المؤمن بالمسيح في الإيمان والعماد، إنجذب إلى حياة جديدة. أقام فيه المسيح، أقام فيه الروح، وهكذا تمّ انفصالُه بشكل جذريّ عن الخطيئة. عندئذ، فالروح الذي هو الضيف المقيم في المؤمن، يقدّم له، بحضوره، وبعمله السريّ، إمكانيّةَ حياة جديدة. فلا يبقى له سوى أن يترك هذا الروح يقوده في موت عن الخطيئة بانتظار قيامة في البرّ على مثال المسيح الذي مات عن خطايانا وأقيم من أجل تبريرنا.