قوة الله واجتهاد الإنسان: عظة أحد الأعمى 2021

☧ الأحد ٥ بعد الفصح ☧ ♱ أحد الأعمى ♱
 
✤ الرِّسَالَةُ ✤
✤ فصل من أعمالِ الرُّسُلِ الْقِدِّيسِينَ: (أع ١٦: ١٦ - ٣٤).
أنتَ يا ربُّ تَحْفَظُنا وَتَسْتُرُنا في هذا الجيل
خَلِّصْنِي يا ربُّ فإنّ البَارّ قَدْ فَنِي

في تلك الأيّام، فيما نحن الرُّسُّلَ مُنْطَلِقُونَ إلى الصّلاةِ، اسْتَقْبَلَتْنَا جاريةٌ بها روحُ عِرافَةٍ، وكانت تُكْسِبُ موالِيَهَا كسبًا جزيلًا بعرافتها. فطفقت تمشي في إِثْرِ بولسَ وإِثْرِنَا وتصيحُ قائلة: هؤلاء الرِّجال هم عبيدُ الله العَلِيِّ وهم يُبَشِّرونَكُم بطريق الخلاص. وصنعَتْ ذلك أيّامًا كثيرة، فتضجّرَ بولسُ والتَفَتَ إلى الرُّوح وقال: إنِّي آمُرُكَ باسم يسوعَ المسيح أن تخرجَ منها، فخرج في تلك السّاعة. فلمّا رأى مَوالِيها أنّه قد خرج رجاءُ مَكْسَبِهِم قبضوا على بولسَ وسيلا وجرُّوهُما إلى السُّوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الوُلاةِ قائِلِين: إنّ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ يُبَلْبِلانِ مدينَتَنا وهما يهودِيّان، وينادِيان بعادَاتٍ لا يجوزُ لنا قَبُولُهَا ولا العملُ بها إذ نحن رومانيُّون. فقام عليهما الجمعُ معًا، ومزّق الوُلاةُ ثيابَهُمَا وأمروا أن يُضْرَبا بالعِصِيِّ. ولـمّا أَثْخَنُوهُما بالجراح أَلقَوهُمَا في السِّجن وأَوْصَوا السّجّانَ بأن يحرُسَهُما بِضَبْطٍ. وهو، إذ أُوصِيَ بمثل تلك الوصيّة، أَلقاهُما في السِّجن الدّاخليِّ وضبطَ أرجُلَهُمَا في الـمِقطَرَة. وعند نصف الليل كان بولسُ وسيلا يصلِّيَان ويسبِّحان اللهَ والمحبوسون يسمعونَهُما. فحدثَت بغتَةً زلزلةٌ عظيمةٌ حتّى تزعزعتْ أُسُسُ السِّجن، فانْفَتَحَتْ في الحال الأبوابُ كلُّها وانْفَكّتْ قيودُ الجميع. فلمّا استَيقظَ السَّجّانُ ورأى أبوابَ السِّجْنِ أَنّهَا مفتوحةٌ، اسْتَلّ السّيفَ وهَمّ أن يقتُلَ نفسَهُ لِظَنِّهِ أَنّ المحبوسِينَ قد هَرَبُوا. فناداهُ بولسُ بصوتٍ عَالٍ قائِلًا: لا تعمَلْ بنفسِكَ سُوءًا، فإنّنا جميعَنَا هَهُنَا. فطلبَ مصباحًا ووثَبَ إلى داخلٍ وخَرّ لبولسَ وسيلا وهو مُرْتَعِدٌ، ثمّ خرجَ بهما وقالَ: يا سَيِّدَيّ، ماذا ينبغي لي أَنْ أَصْنَعَ لكي أَخْلُصَ؟ فقالا: آمِنْ بالربّ يسوعَ المسيحِ فَتَخلُصَ أنتَ وأهلُ بيتِك. وكَلَّماهُ هو وجميعَ مَنْ في بيتِهِ بكلمةِ الربّ، فَأَخَذَهُمَا في تلكَ السّاعةِ من اللّيلِ وغسلَ جراحَهُمَا واعتَمَدَ من وقتِهِ هو وذووهُ أَجمَعُون. ثمّ أَصعَدَهُمَا إلى بيتِه وقدّم لهما مائدةً وابتَهَجَ مع جميعِ أهلِ بيتِه إذ كانَ قد آمَنَ بالله.

✤ الإنجيل ✤
✤ فصل شريف من بشارة القديس يُوحَنَّا (يو ٩: ١ – ٣٨)
في ذلك الزّمان، فيما يسوعُ مُجتَازٌ رأى إنسانًا أَعْمَى منذ مَوْلِدِه، فسألَهُ تلاميذُه قائِلِين: يا رَبُّ، مَن أَخْطَأَ أهذا أَمْ أبواهُ حتّى وُلِدَ أعمَى؟ أجاب يسوعُ: لا هذا أخطأَ ولا أبواه، لكن لتظهَرَ أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أنْ أعملَ أعمالَ الّذي أرسلَنِي ما دامَ نهارٌ، يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دُمْتُ في العالَمِ فأنا نورُ العالَم. قالَ هذا وتَفَلَ على الأرض وصنع من تَفْلَتِهِ طِينًا وطَلَى بالطِّين عَيْنَيِ الأعمى وقال له: اذْهَبْ واغْتَسِلْ في بِرْكَةِ سِلْوَام (الّذي تفسيرُهُ الـمُرْسَلُ)، فمضى واغتَسَلَ وعَادَ بَصِيرًا. فالجيرانُ والّذينَ كانوا يَرَونَهُ من قَبْلُ أنّه أعمى قالوا: أليسَ هذا هو الّذي كان يجلِسُ ويَستَعطِي؟ فقالَ بعضُهُم: هذا هو، وآخَرونَ قالوا: إنّه يُشْبِهُهُ. وأمّا هو فكان يقول: إِنِّي أنا هو. فقالوا له: كيف انفَتَحَتْ عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيّ وقال لي اذْهَبْ إلى بِرْكَةِ سِلْوَامَ واغتَسِلْ، فمضَيتُ واغتَسَلْتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالّذي كان قبلاً أعمى، إلى الفَرِّيسيِّين. وكان حين صنعَ يسوعُ الطِّينَ وفتح عينَيهِ يومُ سبت. فسأَلَهُ الفَرِّيسيُّون أيضًا كيف أَبصَرَ، فقال لهم: جعلَ على عينَـيّ طينًا ثمّ اغتسَلْتُ فأنا الآن أُبصِر. فقال قومٌ من الفَرِّيسيِّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنّه لا يحفَظُ السّبت. آخَرون قالوا: كيف يقدِرُ إنسانٌ خاطِىءٌ أن يعملَ مثلَ هذه الآيات؟ فوقعَ بينهم شِقَاقٌ. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيثُ إِنّه فتحَ عينَيك؟ فقال: إِنّه نبيٌّ. ولم يصدِّقِ اليهودُ عنه أنّه كان أعمَى فأبصَرَ حتّى دَعَوْا أَبَوَيِ الّذي أبصرَ وسأَلُوهُما قائِلِينَ: أهذا هو ابنُكُمَا الّذي تقولان إنّه وُلِدَ أَعمَى، فكيف أبصرَ الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلمُ أنّ هذا وَلَدُنا وأنّه وُلِدَ أعمَى، وأمّا كيف أبصرَ الآن فلا نَعلَمُ، أو مَنْ فتحَ عينَيه فنحن لا نعلَمُ، هو كامِلُ السِّنِّ فاسأَلُوهُ فهو يتكلّمُ عن نفسه. قالَ أبواه هذا لأنّهُمَا كانا يخافان من اليهود لأنّ اليهودَ كانوا قد تعاهَدُوا أنّهُ إِنِ اعتَرَفَ أحَدٌ بأنّهُ المسيحُ يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامِلُ السِّنِّ فاسألوه. فدعَوا ثانِيَةً الإنسانَ الّذي كان أعمَى وقالوا له: أَعطِ مجدًا لله فإنّا نعلَمُ أنّ هذا الانسانَ خاطِئ. فأجابَ ذلك وقال: أَخَاطِئٌ هو لا أعلم، إنّما أعلم شيئًا واحِدًا، أَنِّي كنتُ أعمَى والآن أنا أُبصِرُ. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أَخبَرتُكُم فلم تسمَعُوا، فماذا تريدون أن تسمَعُوا أيضًا؟ أَلَعَلّكُم أنتم أيضًا تريدونَ أن تصيروا له تلاميذَ؟ فَشَتَمُوهُ وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك. وأمّا نحن فإِنّا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنّ اللهَ قد كلّمَ موسى. فأمّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجابَ الرّجلُ وقال لهم: إنّ في هذا عَجَبًا أَنّكُم ما تعلَمُونَ من أين هو وقد فتح عينَيّ، ونحن نعلمُ أنّ اللهَ لا يسمَعُ للخَطَأَة، ولكنْ إذا أَحَدٌ اتّقَى اللهَ وعَمِلَ مشيئَتَهُ فله يستجيب. منذ الدّهرِ لم يُسمَعْ أَنّ أَحَدًا فتحَ عينَي مولودٍ أعمى. فلو لم يَكُنْ هذا من الله لم يَقْدِرْ أن يفعلَ شيئًا. أجابوه وقالوا له: إِنّكَ في الخطايا قد وُلِدْتَ بجُملَتِكَ، أَفَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا؟ فأَخْرَجُوهُ خارِجًا. وسَمِعَ يسوعُ أَنّهُم أَخْرَجُوهُ خارِجًا، فَوَجَدَهُ وقال له: أَتُؤْمِنُ أَنْتَ بابْنِ الله؟ فأجابَ ذاك وقالَ: فَمَنْ هو يا سَيِّدُ لأُؤْمِنَ به؟ فقال له يسوعَ: قد رَأَيْتَهُ، والّذي يتكلّمُ معكَ هوَ هُو. فقال: قد آمَنْتُ يا رَبُّ وسَجَدَ له.