أنتَ بِقُربي لكنّكَ بعيد

          مِن اللّحظةِ الّتي أَرَيتَني فيها النّور، كانتْ عَيناكَ شَمسي وَنُوري، لا حاجةَ بِـي إلى نُورِ الشَّمس...
          مُذْ لامَسَ حَنانُكَ قَلبـي، أَنْـمَيتَني بِعَطفِكَ، فَلا حاجةَ بِـي إلى حَنانِ العالَـم...
          وَفي كُلِّ لـحظةٍ كُنتُ أَنظُرُ إِلَيكَ بِعَينَـيْ قَلبـي، أَراكَ في ذلكَ الـمَكان، تَرمُقُني بِـحُنُوِّكَ الأَبَدِيّ...
          وَيَومَ مَشَيتُ في دَربِ حَياتـي، وَرُحْتُ أُقَلِّبُ صَفَحاتِ أَيّاميَ البَيضاءَ وَالسَّوداء، كُنتُ أَراكَ في الـمَكانِ عَينِه، في الوِقْفَةِ نفسِها، وَالـحَنانِ ذاتِه.. وَلكِنَّكَ أَبْعَد...
          يَومَ أَعْلَنْتُ الغَضَبَ مَنهَجًا، وَالـحَسَدَ طَرِيقًا للنَّجاح، اِلْتَفَتُّ نَـحوَك.. لا زِلْتَ هُناك، ولكِنَّني أَراكَ بَعِيدًا...
          يَومَ غَرِقْتُ في كَسَلٍ زَيَّنَهُ لِـي مُـجَرِّبـي، وَرُحْتُ أُصارِعُ أَمواجَ الأَهواء، تَوَسَّلَتْ عَينايَ رُؤيَتَكَ، فَأَلْفَتْكَ في مَكانِكَ عَينِه...
          نَظَرْتُ حَولـي، فَوَجَدْتُنـي في مَكانٍ غَريبٍ، في أَرضٍ غَريبة، وَعَرَفْتُ يا إلٰـهي أَنَّكَ لَـم تَتْرُكْنـي، وَلَـمْ تَتَخَلَّ عَنّـي.. أَنتَ قَريبٌ دَومًا.. ولكِنَّنـي أَنا البعيد.