الشَّوْتْفِه

       عندما يُرِيدُ المؤمنُ أن يَطلُبَ مِنَ الكاهِنِ أن يذكرَ لَهُ بعضَ أحيائِهِ أو بعضَ أمواتِه، يأتي بما اصطُلِحَ على تسمِيَتِه بـ "قدّاس قربان"، وهو، عادةً، مجموعةٌ من خمس قربانات. وهذه التّقدمةُ هِيَ رَمزُ تقديمِ المؤمنِ للرَّبِّ كُلَّ أتعابِهِ وكُلَّ إنتاجِه، وتاليًا، كُلَّ حياتِه، راجيًا منه أن يتقبَّلَها ويباركَها، وأن يَذكُرَهُ وَيَذكُرَ أحبّاءَهُ الأحياءَ و/أو الرّاقدين.
       ماذا يفعلُ الكاهن بقدّاس القربان؟
       على المذبحِ المقدَّس، وبعدَ أن يَرفَعَ الكاهنُ الحَمَلَ (الختمَ المربَّع الّذي في وسطِ القربانة، والذي يمثّل الرّبَّ يسوعَ المسيحَ الغالِب) وجُزءًا يمثّلُ والدةَ الإله، وتسعةَ أجزاء تمثّل كُلَّ مصافّ القدّيسين، مع القدّيسين الّذينَ نعيّدُ لهم اليوم، والقدّيس الّذي كتب خدمة القدّاس الإلهيّ المُقام. بعد هذا كُلِّه، يرفعُ الكاهنُ جزءًا يذكرُ فيه الأسقفَ الّذي على يدِه نالَ الشّرطونيّةَ المقدَّسة. وبعد ذلك، يذكرُ ما طابَ لَهُ مِنَ الأحياءِ ثُمَّ مِنَ الأموات.
       ضمنَ الفقرةِ الأخيرة، يأخُذُ الكاهنُ من "قدّاس القربان" أحدى القربانات، فينتزعُ منها جزءًا صغيرًا يضعُه على الصينيّة المقدّسة إلى جانب الأجزاءِ الّتي تمثّل الأحياء، قائلاً: "أذكرْ أيّها الرَّبُّ المحبُّ البشر عبدَكَ ..."؛ أو ينتزعُ جزءًا صغيرًا يضعه إلى جانب الأجزاء الّتي تمثّل الأموات، قائلاً: "أذكر أيّها الرّبُّ المحبُّ البَشر عبدَك...". هذه القربانة الّتي أخذ منها الجزء الصّغير، يضعُها جانبًا، أمّا القربانات الأربعُ الباقيةُ، فيضمُّها إلى القربانات الّتي سيتمُ تقطيعُها وتوزيعُها في آخر القدّاس.
       وفي القدّاسِ الإلهيّ، بعد الاستحالة، أي بعد تحوُّلِ الخبزِ والخمرِ إلى جَسدِ الرَّبِّ ودَمِه، وبالضّبط أثناء ترتيلِ التّاسعة "بواجب الاستئهال" أو ما إلَيها، يتلو الكاهنُ سلسلةً طويلةً من الذّكرانيّات، مِن ضمنِها الأشخاص الّذينَ قدَّموا القرابينَ والّذينَ مِن أجلِهِم قُدِّمَت. وعند ذلك، يأخذُ القربانةَ الّتي تمّ أخذُ الجزءِ الصّغير منها على المذبح، والّتي كان قد وضعَها جانبًا، ويباركُها أمامَ القرابينِ الّتي قُدِّمَت وقُدِّسَت، ذاكرًا أصحابَها.
       هذهِ القربانةُ، تُرَدُّ إلى صاحبِها، أي إلى مُقَدِّمِ "قدّاس القُربان"، كعُربونِ بَرَكَةٍ مِنَ اللهِ الّذي تَقَبَّلَ تَقدِمَتَهُ. فيأخُذُها وَيُوَزِّعُها على سائرِ المؤمنينَ في الكنيسة.
       هذه القربانةُ، كانَ المؤمنونَ في بَعضِ رعايانا القرويّةِ يَدعونَها "شَوْتْفِه"، وَهيَ كلمةٌ سُريانيَّةٌ (شَوْتوفُوتو) تعني "البَرَكَة".
فَلْيُبارِكِ الرَّبُّ كُلَّ قَرابِينِنا المُقَدَّمَةِ إليهِ بِرُوحٍ مُنسحِق. آمين.